2025-11-25     عدد زوار الموقع: 6175603

«تشات جي بي تي» ومأزق التعليم في الأردن

فارس الحباشنة

دون شك فإن القلق حول التعليم المدرسي والجامعي يزداد ويتفاعل من الذكاء الاصطناعي وتطبيقات «تشات جي بي تي» وتوابعها وما لا يقلّ عنها مهارة.

وحلّ الذكاء الاصطناعي مكان المدرس والكتاب، والمحاضرة والحصة المدرسية، ومساعدًا سريًا للطالب.

يحدثني مدرس جامعي يدرّس في جامعة حكومية، ويقول: إنه طلب من الطلاب إعداد بحث قصير وورقة بحثية في قضية اجتماعية محلية.

وكانت المفاجأة بعدما سلّم الطلاب أوراق البحث إلى المدرس الجامعي، أن الأوراق البحثية متشابهة، وأنها تقريبًا منسوخة ومسروقة من «تشات جي بي تي».

وحاول المدرس الجامعي أن يخفف من وطأة الفضيحة، وقام باستدراج الطلاب إلى حلقات نقاشية حول أوراقهم البحثية، واكتشف أنهم عراة معرفيًا وعلميًا وبحثيًا، وما قاموا به نسخ ولصق لمعلومات وبيانات من «تشات جي بي تي».

وطلب المدرس من الطلاب إعادة كتابة وتحرير أوراقهم البحثية، وإلغاء نتيجة الامتحان البحثي.

بشائر سوداء لنهاية العلم والمعرفة، ويبدو أن المدرسة والجامعة في خطر وتواجه تحديًا بالانقراض والموت.

في الجامعات والمدارس استخدام أعمى لتطبيقات الذكاء الاصطناعي. الطالب يسرق من «تشات جي بي تي» أبحاثه وتقاريره، والمدرس كذلك في أطروحته الجامعية يسرق أبحاثه وتقاريره ودراسته من الذكاء الاصطناعي.

ماذا تبقى من التعليم؟ ولا أحد يملك الجرأة على الإجابة. دورة لا منتهية من الاحتيال على التعليم والبحث العلمي والتفكير المنهجي العلمي، والتدريس الجامعي.

طلاب لا يقرؤون ولا يجتهدون ولا يفكرون، ولا يتابعون المحاضرات. في الامتحان يستعين بخدمة «تشات جي بي تي» لحل الأسئلة، والسلام!

في لمحة بصر يحلّ الطالب أعقد الأسئلة والمعادلات.

صديقي، المدرس الجامعي، يعبر عن قلقه من تطبيقات الذكاء الاصطناعي واقتحامها عالم التعليم، وإلى أين وصل التعليم الجامعي والمدرسي.

ويتفشّى استعمال «شات جي بي تي» في المدارس الخاصة مقارنةً بالحكومية.

باختصار، إن الانفلات في استعمال «شات جي بي تي» في التعليم، يعني إصدار شهادات جامعية دون دراسة ودون علم ودون معرفة.

في الاردن، يبدو أننا نفهم الذكاء الاصطناعي وتوابعه وملاحقه «بالعكس».

وإذا ما استمرّ هذا النهج وسُمح بتوغّل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، فسوف نخسر التعليم ونخسر الطلاب ونخسر جيلا، ونخسر مستقبل وطن.

الانتقال إلى الذكاء الاصطناعي و»شات جي بي تي» قفز في الهواء. والاستعانة بأدوات مساعدة رقمية ووضعها بين يدي الطلاب باستسهال ورخوة ودون رقابة فإن من أشنع أنواع وأشكال العبث والاستهتار في التعليم وعقول الطلاب.

التعليم له مرجعيات وأدبيات، ومعايير وأصول، والأصح أن يكون التعليم وجهًا لوجه، وتعليمًا وجاهيًا، وتعليمًا لا ينفصل فيه الطالب عن القاعة المدرسية والحصة والمدرس، وتعليمًا يقوم على القراءة والمطالعة، والتفكير الحر والناقد، ويقاوم التلقين والأفكار المطبوخة والجاهزة، والاستعمال والتوظيف السيّئ للذكاء الاصطناعي وملاحقه.



شارك الخبر

استطلاع الأراء
هل تؤيد رفع اسعار الدخان وفرض ضريبة ؟

26428 المؤيدين

26330 المعارضين

26227 المحايدين

محايد لا نعم