صراع سياسي مفتوح
حمادة فراعنة
لم يتمكن أصدقاء الشعب الفلسطيني روسيا والصين مع الجزائر من تسويق مشروع قرارهم في مجلس الأمن لصالح فلسطين، ووفق المصالح الوطنية الفلسطينية، مثلما لم تتمكن الولايات المتحدة صديقة المستعمرة الإسرائيلية وسيدتها وداعمتها وراعيتها من فرض مشروع القرار الأميركي لدى مجلس الأمن كما سبق وصاغته واشنطن، حيث اضطرت إلى اجراء بعض التعديلات عليه، ليكون متوازناً ما أمكن، وحصيلته بعض العبارات المبهمة غير واضحة في التفسير والتعبير، وتحتمل الاجتهادات، وستكون عرضة للصراع السياسي بين الأطراف، عند بدء خطوات التطبيق، وهذا ما يُفسر رفض أطراف فلسطينية لقرار مجلس الأمن 2803، ورفض أطراف إسرائيلية لنفس القرار، مع موافقة رسمية من قبل السلطة الفلسطينية، وقبول رسمي من قبل حكومة نتنياهو، لان كليهما سلطة فلسطين وسلطة المستعمرة تتحاشيان التصادم مع سلطة الرئيس الأميركي ترامب.
لم يمر مشروع القرار الروسي، ولم يمر مشروع القرار الأميركي كما كان، لدى مجلس الأمن، لعدة أسباب:
أولاً لأن نتائج المعركة الميدانية على أرض المواجهة في قطاع غزة، بين قوات المستعمرة وقوات المقاومة، لم تُحسم لصالح طرف من الطرفين، فالفلسطيني صمد ولكنه لم ينتصر، والاسرائيلي أخفق ولكنه لم يُهزم، ولهذا جاء التدخل الأميركي حتى لا تُحسم المعركة: بالانتصار الفلسطيني، او بالهزيمة الإسرائيلية.
ثانياً لأن الجرائم الإسرائيلية التي قارفتها المستعمرة بحق المدنيين الفلسطينيين كانت فاقعة، كشفت مشروع المستعمرة على حقيقتها، كمشروع استعماري توسعي تعرى امام شعوب العالم، بما فيها الشعوب الأوروبية التي صنعت حكوماتها مشروع المستعمرة الأجنبية على أرض فلسطين، وحصيلة ذلك ما سببته المستعمرة من احراج للإدارة الأميركية، على خلفية الجرائم التي قارفتها، وأدت إلى انكفاء حلفاء الولايات المتحدة من الأوروبيين عن دعم المستعمرة، واعترافهم بالدولة الفلسطينية، وبسبب الفشل الإسرائيلي في إنهاء وتصفية المقاومة، بل والرضوخ أمامها في توقيع قرار وقف إطلاق النار، وفشلها في إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين بدون عملية تبادل، حيث رضخت لعملية التبادل بإطلاق سراح 1950 أسيراً فلسطينياً مقابل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين من الأحياء والأموات.
المعركة العسكرية بعد الاجتياح الإسرائيلي إلى قطاع غزة، لم تُحسم لصالح طرف، ولذلك جاءت النتائج السياسية، وفق بيان مجلس الأمن الذي اقترحته الولايات المتحدة بعد التعديلات، شائكاً معقداً يحمل العديد من المخاطر المتوقعة، ستعكس نفسها على صراع سياسي حول ما سوف يتم في قطاع غزة في مرحلة ما أُطلق عليها «اليوم التالي» من وقف إطلاق النار، وهو يحمل ثلاثة احتمالات:
1- فرض سلطة فلسطينية مستقلة لا صلة لها، ولا علاقة لها بطرفي المعادلة الفلسطينية: فتح وحماس.
2- عودة حماس لإدارة القطاع في وقت لاحق بموافقة أميركية إسرائيلية ومقدمتها اللقاء بين بيتكوف مع خليل الحية .
3- عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة كما كانت، قبل سيطرة حماس منفردة على قطاع عام 2007.
احتمالات مفتوحة سيفرضها الصراع السياسي المفتوح بين مختلف الأطراف.








