2024-04-25     عدد زوار الموقع: 3648302

نتنياهو واليمين لا يريدون دولة فلسطينية د. محمد المومني

غريب شأن البعض من استغرابهم أن نتنياهو أصبح يجاهر أنه لا يريد دولة فلسطينية، ويقول إن كافة المناطق غرب نهر الأردن يجب أن تكون تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية ما يعني استحالة قيام دولة فلسطينية. ما قاله نتنياهو لا يجب أن يأتي مستغربا من أي أحد، فهو ويمينه يمعنان في قتل فرص الدولة الفلسطينية، ومنذ نهاية التسعينيات يحاولون الإجهاز على أوسلو. هم لا يريدون الدولة الفلسطينية ولا بأي شكل من الأشكال لأن عقيدتهم الدينية والسياسية تقول إن هذه الأرض لهم وعدهم الله بها ولا يحق لأحد أخذها منهم! وبالإضافة للقناعة الدينية إنهم المختارون في الأرض، فقناعتهم أيضا أنهم ضحايا للإنسانية والدول والحضارات عبر الزمن، بسبب ما تعرضوا له من قتل وتنكيل منذ البابليين إلى النازيين (متناسين أن الحضارة الإسلامية والعربية هي الوحيدة التي أمنتهم وآوتهم)، وهذا يعطيهم الشعور أنهم مظلومون وليس ظالمون ويجعلهم يبررون الظلم والقتل وما يفعلونه بالفلسطينيين يمتهنون من إنسانية الإنسان الفلسطيني. إنه الجنون واللاوعي بأبشع صوره، وبدل من أن يكون نتنياهو مخلصا لشعبه وموقعه ويقول الحق ويضع الأشياء في نصابها، يختار أن يمتطي جنون اليمين الإسرائيلي ويمارس الشعبوية الرخيصة ويتناغم مع هرطقاتهم الدينية والسياسية، خوفا على حكومته ومنصبه وبقائه.
ليس المهم أن يقبل نتنياهو الدولة أو يرفضها، ولا اليمين أيضا، لأن الدولة قائمة لا محالة، سواء بالقوة أو من خلال بنائها تحت الاحتلال حتى تصبح حقيقة لا تقبل النكوص أو العودة. معطيات الواقعية والميدان والمنطق والحق كلها تشير إلى أن الدولة ستقوم، بل إن في مسعى إحقاق ذلك قد تخسر إسرائيل الكثير من الدعم والإسناد الدوليين، وهذا قد بدأ بالفعل وتكثف بشكل كبير في المرحلة الماضية. حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ودولته أصبح أيقونة عمل وقناعة لأحرار العالم، وهذا يرتب خسارة على إسرائيل من ناحية الانطباع السائد عنها. الدولة ستقوم لا يقف أمامها اليوم إلا فيتو أميركي في مجلس الأمن تكلفته عالية على أميركا، ستتخلى عنه ولو بعد حين، وعندها ستصبح فلسطين دولة وإسرائيل تصبح محتلة لدولة أخرى ذات سيادة وليس أراضي بسلطة بلا سيادة، وهذا سيجعل تكلفة الاحتلال القانونية والسياسية والاقتصادية باهظة لن تقوى عليها إسرائيل. سيدخل في يوم ما مندوب فلسطين على مجلس الأمن ويطلب لشعبه دولة، ولن تقف بوجهه أي قوة لأنه يمتلك قوة الحق والعدل التي أثبت التاريخ أنها الأقوى، وستقوم فلسطين وستندحر كل هرطقات اليمين الإسرائيلي التي تتنامى القناعة العالمية بسوئها وبشاعتها.
الدولة الفلسطينية وحل الدولتين هو الخيار الأكثر منطقية لكافة الأطراف، بما في ذلك إسرائيل التي اقتنع أشد قادتها تطرفا مثل شارون ورابين أن الدولة الفلسطينية قدر محتوم بدونه ستزول إسرائيل بحكم الديمغرافية. دولة فلسطينية يعيش فيها الشعب الفلسطيني بكرامة وطنية يبني ذاته واقتصاده الضمانة الأهم لغياب الظلم الذي يولد العنف. ستقوم الدولة الفلسطينية ولن يقف بوجهها أي شيء لأن منطق إحقاقها جارف كبير لن يوقفه تطرف يمين إسرائيلي واهن.





شارك الخبر

استطلاع الأراء
هل تؤيد رفع اسعار الدخان وفرض ضريبة ؟

3618 المؤيدين

3275 المعارضين

3009 المحايدين

محايد لا نعم